كتب : عمر ماهر

في تاريخ الموسيقى العربية، هناك أسماء لا تُنسى، تركت بصماتها على جدران الزمن بألحانها التي تخطت حدود الأجيال، ومن بين هذه الأسماء يبرز الشيخ زكريا أحمد، الذي يُعد واحدًا من عمالقة الموسيقى العربية وشيخ الملحنين في مصر.

ولد زكريا أحمد في الفيوم عام 1896، ونشأ في بيئة تقدر الفن والموسيقى، فوالده كان حافظًا للقرآن ومحبًا لسماع التواشيح، مما أكسب زكريا حسًا موسيقيًا عاليًا، تلقى تعليمه في الأزهر الشريف، حيث برز بين زملائه بصوته الحسن في قراءة القرآن والإنشاد، وهو ما مهد له الطريق ليصبح أحد أبرز الملحنين في العالم العربي.

بدأ زكريا أحمد مسيرته الفنية كملحن في عام 1919، وسرعان ما أصبح اسمًا معروفًا في عالم الموسيقى، حيث لحّن لكبار الفنانين والفرق المسرحية الشهيرة، لكن شهرته الحقيقية جاءت من خلال تعاونه مع كوكب الشرق أم كلثوم، حيث لحّن لها تسعة أدوار والعديد من الأغاني التي ما زالت تُغنى وتُحفظ حتى اليوم.

كانت ألحان زكريا أحمد غارقة في العروبة والأصالة، ويُقال أنه قدم بألحانه امتدادًا لألحان الشيخ سيد درويش، فقد سار على خطاه في الألحان الشرقية المليئة بالصور الشعبية التي توحي بإخلاصه للتراث الشعبي كمصدر لموسيقاه وألحانه، وقد استطاع أن يطور شكلين من أهم أشكال الغناء العربي، هما “الطقطوقة” و”الدور”، وأسهم في تطوير أشكال أخرى من الغناء العربي¹²³.

رحل زكريا أحمد عن عالمنا في 14 فبراير 1961، تاركًا وراءه إرثًا موسيقيًا غنيًا ومتنوعًا، يُعتبر مرجعًا لكل محب ودارس للموسيقى العربية، وحتى اليوم تُعزف ألحانه وتُغنى في كل مكان، تخليدًا لذكرى ملحن عظيم أثرى الفن العربي بروائع لا تُنسى.