كتبت : الاء امام

 

تحمل الحياة في أحضانها قصصًا ملهمة، تنطلق من بساطة الحياة اليومية وتصل إلى قمم الإصرار والنجاح. واحدة من هذه القصص هي قصة روحية إبراهيم، التي تجسد رمزًا للإرادة والتحدي، والتي تحكي قصة امرأة مصرية استطاعت أن تثبت نفسها في عالم الجزارة بمدينة بني سويف، متجاوزةً كل الصعاب بإصرارها وعزيمتها ، حيث تُسطر قصة كفاحٍ عظيمة تُلهِمُ كل من يسمعها. المعلمة روحية إبراهيم الشهيرة بـ”أم حسن ” ذات الـ ٦٠ عام ، تعمل في مجال الجزارة منذ ٤٤ عامًا، متحديةً كل الصعاب لتُربي أبناءها وتُساعدهم على تحقيق أحلامهم.

لم تكن رحلة روحية سهلة. فقد واجهت أصعب المواقف في سن مبكرة، حيث توفي زوجها وهي في عمر ٢٥ عامًا، تاركًا لها ٣ أطفالٍ صغار من زوجته الأولي ، حيث كانت المعلمة روحية الزوجة الثانية له. رغم ذلك رفضت جميع عروض الزواج ، فلم يكن لديها حل سوي ان تعيد فتح محل الجزارة الخاص بزوجها ، لتتمكن من إعالة اولادها واولاد زوجها.

واجهت روحية تحدياتٍ جمة، فلم تكن لديها أي خبرة في مجال الجزارة، ولكن لم تستسلم لليأس. بل واجهت مصيرها بشجاعةٍ وإصرار. بدأت تُعلم نفسها مهنة الجزارة من الصفر، معتمدةً على مساعدة زملاء زوجها من الجزارين.

تعلمت روحية كيفية شراء المواشي، وذبحها، وتقطيعها، وبيعها وكان أول شئ باعته ٥ كيلوجراما بسعر٥ جنيهات للكيلو ولم يتجاوز مكسب الكمية كلها ٥٠ قرشاً ، لم تقتصر مسؤولية روحية على توفير الطعام لأبنائها، بل حرصت على توفير تعليمٍ جيدٍ لهم. عملت بجدٍ واجتهاد، ودحرت كل الصعاب، حتى نجحت في تربية أطفالها الثلاثة، ومساعدتهم على الحصول على شهاداتٍ جامعية وتزويجهم .

لم تتوقف قصة كفاح روحية عند تربية أبنائها. بل استمرت في العمل بمهنة الجزارة، حتى أصبحت رمزًا للإصرار والإرادة في مجتمعها. ساعدت روحية ٣ من أبناء زوجها أيضًا، ووفرت لهم حياةً كريمة

على الرغم من كل ما حققته روحية، إلا أن لديها حلمًا آخرًا تسعى جاهدةً لتحقيقه، وهو زيارة بيت الله الحرام، سواءً بالحج أو العمرة.

تُعدّ قصة المعلمة روحية إبراهيم مثالًا يُحتذى به للنساء في كل مكان. فهي تُظهر أن الإرادة القوية والعزيمة الصادقة قادرتان على قهر كل الصعاب، وتحقيق الأحلام، مهما كانت الظروف صعبة.