كتبت : ساره جمال مصطفى

في ظل واقع يستهان بالمرأة وقوتها وما تستطيع أن تقوم به وأن مكانها المنزل والمطبخ والعناية بالأسرة والأطفال كما يحكم مجتمعنا وإقليمنا جهل العادات والتقاليد التي لا تفقه من الشرع أو القانون بشيء نجد نماذج بارزة وجميلة لإرادة وقوة المرأة وأن المرأة في المجتمع والدين لها حقوق لا يستهان بها نبين من خلال موضوعنا إحدى أبرز هذه النماذج الذي يعتز ويفتخر بها إقليم شمال الصعيد في حوار خاص لإقليميشن مع الدكتورة شيماء محمد جمعة ابنة قرية البرجاية التابعة لمركز ومحافظة المنيا والتي هي أول مأذونة شرعية امرأة في الصعيد بأجمعه التي تعد فخر لإقليمنا بشكل خاص ومجتمعنا بشكل عام ، سنخوض خلال هذا الحوار الشيق قصة المأذونة المرأة في المجتمع وكل ما مرت به من أشياء وتجارب في حياتها .

 

–  كيف كانت بدايتك كأول مأذونة في الصعيد ؟

جاءت الفكرة من البداية منذ توفي مأذون القرية التابعة إليها حيث أن كل قرية لها مأذون خاص بها ، فوجدت أشخاص كثيرين من القرية يسألونني متى سأقدم لأكون مأذونة شرعية ، وهذا الموضوع جعل لدي تطلع للتقديم فأستخرت الله سبحانه وتعالى وقومت باستشارة  أهلي والمقربين لي فكان ردهم أن الفكرة جميلة وجديدة وفريدة من نوعها أن يكون هناك مرأة مأذونة وخاصة في الصعيد ، لأن هذا لم يتوجد من قبل ، وبالفعل بدأت أعرف ماهي الإجراءات والأوراق والشروط المطلوبة  وهل الشروط تنطبق أو لا والحمد لله الشروط تطابقت معي وقومت بالتقديم وكنت أول مرأة أقدم ما بين 12 رجل ثم بدأ اثنتين من السيدات أيضًا يقدموا مثلي ، ثم أخذت حوالى سنة وثمانية شهور من محكمة المنيا إلى أن أعلنت ثم سافرت الوزارة وقامت الوزارة بمراجعة الأوراق ثم أكدت على اختيار محكمة الأسرة في المنيا وتم التصديق على القرار يوم 2/11/2023  واستلمت بتاريخ 26/11/2023  وبدأت أمارس عملي  يوم  1/12/2024 .

 

– ماهي الصعوبات والتحديات التي واجهتكِ كأول مأذونة سيدة في الصعيد ؟

كان هناك بعض الأشخاص معارضين للفكرة وكيف تكون لدينا مأذونة امرأة ، وهؤلاء ما نسميهم أعداء النجاح وإذا لم تواجهك مثل هذه التحديات والصعوبات فلا يسمى ما وصلت إليه نجاح ، فأي طريق نجاح مليء بالصعوبات ، فمثل ما كان هناك بعض الأشخاص معارضين كان هناك آخرين مؤيدين للفكرة والبعض الآخر كان الأمر بالنسبة لهم مختلط بين الشرع والعادات والتقاليد ففي الشرع لا يوجد نص قرآني يحرم وظيفة المأذونة  للمرأة لكنهم كانوا يأخذونها من ناحية العادات والتقاليد ولكن هؤلاء الناس كانوا فئة قليلة وبفضل الله وبعد أن استلمت وشاهدوا كيفية التعامل والتغير الكبير الذي تم فبدأ كل أو أغلبية  المعارضين يصبحوا مؤيدين لي ويقوموا بتشجيعي ، فمن البداية نحن اللذين نجعل الناس تغير وجهة نظرها عننا بالأعمال التي نقدمها ، ولكن مازال هناك بعض الأشخاص وهم فئة قليلة جدًا معارضين للفكرة ويرون أن المرأة مكانها المنزل والمطبخ والاهتمام بالأسرة ولا يجوز لها أن تتقلد مثل هذه المناصب.

 

– هل هناك أفكار ومقترحات للحد من نسب الطلاق في نطاق القرية والقرى التابعة لها ؟

بالفعل نقوم بعمل إصلاح ذات البين ونجتمع مع الزوج والزوجة ونعرف ما هي أسباب الرغبة في الطلاق ولو يمكن حلها قبل أن يتم موضوع الطلاق وإذا كانت الأمور غير متراكمة ولا تستدعي الطلاق فنقوم بالصلح بينهم ونعطي فرصة واثنين وأكثر وآخر شيء نلجأ له هو إخراج دفتر الطلاق إذا كان الموضوع غير قابل للصلح ، فبحمد الله من وقت استلامي  دفتر الطلاق لم ينتهي حتة الآن فأن أقوم بلم شمل أسرة أفضل من أن أقوم بإجراء الطلاق فهناك أشخاص يستجيبون وهناك أشخاص لا ، إذا وصلت المشاكل  لنهايتها أو أن كان من الأفضل لجميع الأطراف أن يتم الانفصال بين الزوجين فيتم إجراء الطلاق ، وأيضًا يمكن الحد من نسل الطلاق عن طريق عمل ندوات توعوية وخصوصًا عن زواج القاصرات وهو أكبر الأسباب التي تؤدي للطلاق فنقوم بعمل ندوات توعوية للناس وأيضًا قام الوزير بتنزيل كُتيب عن الأسرة وعن كيفية تحمل الحياة الزوجية وكيف يواجهوا المشاكل التي تعترض طريق حياتهم سويًا وغيرها وهذا الكُتيب نعطيه الزوجين بعد عقد قرانهم مباشرةً .

 

– من خلال تعاملك ما هي الأسباب التي تؤدي إلى انفصال الزوجين ؟

نجد من خلال التعامل مع الأهل والأصدقاء والأقارب والأشخاص بشكل عام أن ضغوط الحياة من الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق بالإضافة إلى ظروف المعيشة وعدم تحمل المسئولية وغيرها الكثير من الأسباب التي لا يمكن حصرها ، وإلا إذا قومنا بحصر كل الأسباب والمشكلات كنا قومنا بحلها ولا نلجأ إلى الطلاق ، ومن أهم وأبرز الأسباب أيضًا صغر السن سواء لإحدى الزوجين أو كلاهما فبالتالي غير متحملين المسئولية وغير مدركين للحياة الجديدة والالتزامات الواجب أداؤها ، فكل ما تحدث مشكلة بينهم ويتدخل فيها الأهل والأصدقاء أو غيرهم تزيد الخلافات .

 

– هل للمأذون الشرعي دور للحد من زواج القاصرات ؟

بالطبع، يعد السن القانوني الزواج 18 عام فإذا جاء للمأذون أي شخص لم يبلغ السن القانوني فيقوم المأذون بالرفض ويقوم بنصحهم بعدم إتمام الزواج إلا بعد تمام السن القانوني وأن حقوق الفتاة القانونية ستضيع إذا تم الزواج في وقت مبكر هكذا وأن ليس لها أي حقوق أو أي مستند رسمي تستطيع أن تأخذ به حقها وأنها هكذا تضيع حقها وحق إذا كان هناك جنين بعد الزواج لأنهم إذا لم يتم الزواج بشكل رسمي لن يستطيعوا إثبات أو تسجيل الطفل وأنهم إذا ذهبوا لأي شخص آخر لإتمام عقد القران فيسكون هناك جريمة كبيرة في حقهم وفي حق الفتاة وفي حق المجتمع بشكل عام ، فإذا قام المأذون بإعطاء كل هذه النصائح بالطبع ولي الأمر سوف يقتنع ويخاف على مصلحة ابنته وخصوصًا أن المأذون شخص ذات قيمة ومحبوب لدى الجميع وكلمته مسموعة ومعروف أنه قاضي شرعي المكان فبالتالي كل الناس ستأخذ بكلمه فإذا رفض المأذون أمرًا ما يخاف الناس الذهاب لأي شخص آخر.

 

– كيف استقبل أهالي القرية خبر تولي حضرتك مأذونة شرعية لهم ؟

قام الأغلبية العظمى منهم بعمل بث مباشر من المحكمة فور إعلان النتيجة وكانوا سعداء للغاية ويعلمون أنه سيكون هناك تغيير وهذا ما تم بفضل الله فأسأل الله أن أكون دائمًا عند حسن ظنهم وعند حسن ظن الجميع وحسن ظن القيادات بي إن شاء الله.

 

– ما هي الشروط الواجب توافرها لكي يتقدم الأشخاص للمأذونية ؟

أولًا أن يتراوح السن من 30 إلى 40  سنة وأن يكون دارس مادة الشريعة الإسلامية وأن يعلن مؤهلاته وأيضًا أن يكون من أبناء القرية وأن يكون مصري الجنسية من أبوين وجدين مصريين وهي الشروط العامة للتقدم لأي شيء بالإضافة إلى أنه يقدم أي مؤهلات أخرى حاصل عليها .

 

– نصيحة تقدميها للأزواج بشكل عام والفتيات الشباب بشكل خاص ؟

أنصح الأزواج أن يحافظوا على بيوتهم وأن يتقوا الله في زوجاتهم وأن يحسنوا الاختيار و أن يمشوا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اختر ذات الدين ” وأن يختاروا الأصل لأن كل هذه العوامل إذا مشينا على نهجها ونهج رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم سنعيش في حياة سليمة ومستقرة وسوف نحد من نسب الطلاق لكنه لن يختفي تمامًا لأن هذه سنة الحياة كما بها الزواج يوجد أيضًا بها الطلاق .

وبالنسبة للفتيات والشباب المقبلين على تحقيق أحلامهم وأهدافهم أنصحهم بأن يستمروا في تحقيق أحلامهم وجعلها واقع أمام أعينهم وأن يكون لديهم ثقة بالله سبحانه وتعالى وأن يتقوا الله في كل أمر يقومون به أو أي شيء يخطون فيه والله سيقف بجانبهم لأن كما قال الله عز وجل لكل مجتهد نصيب ، لأنك إذا اجتهد سوف تلقى نتيجة اجتهادك وتعبك ، وإن لم تجده في الدنيا ستجده في الأخرة ولا تجعل أي شخص يقف في طريق تحقيق حلمك واستعين بالله وهذا الأمر أيضًا موجه للفتيات أن يستمروا في تحقيق أحلامهم ولا يجعلون جهل العادات والتقاليد تقف عائق في طريقهم وأن مكانهم ليس المنزل كما يقول الجميع.