كتب: أبوبكر محمد وآلاء إمام

 

 

 

 

 

تقع قرية البرجاية، التابعة لمركز سمالوط في محافظة المنيا، ضمن قائمة أهم المراكز في مصر لتصدير البطاطس إلى الخارج، وتعدُّ هذه القرية واحدة من المواقع الرئيسة التي تزرع البطاطس وتصدره.

وتضم أيضًا أكبر سوق لتسويق هذه المحاصيل، على الرغم من انضمام عدد من القرى الأخرى لهذه الصناعة، إلا أن قرية البرجاية تظل في المقدمة بزراعتها لمحصول البطاطس، إذ يُزرع بدءًا من منتصف شهر أغسطس، ويُحصد بعد مرور 70 يومًا فقط من زراعته، وتُعدُّ “صفية” أشهر أنواع البطاطس التي تنتجها القرية، يليها “الكارا” و”البرن”.

 المصدر الرئيس للبطاطس في مصر

يقول رضا شحاتة إن “قرية البرجاية تزرع ما يقرب من 20 ألف فدان من البطاطس، وهي أكبر مساحة زراعية في المحافظة التي تقدر بنحو 35 ألف فدان، إذ تنتج ما يقرب من 55 ألف طن سنويًّا من البطاطس”.

وأشار إلى أن “البرجاية كانت من القرى المصدرة للبطاطس إلى دول أوروبية، إلا أن تحديات -مثل اختلاف الأنواع وضعف التربة بسبب التكرار في الزراعة، وعدم إتاحة فترات راحة للأرض، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار التقاوي- جعلت التصدير ضعيفًا إلا بكميات كبيرة، خاصة مع وجود بورصة لمحصول البطاطس في القرية على مستوى الجمهورية”.

وأضاف عماد حسان، أحد المزارعين، أن “محصول البطاطس يُعدُّ من أهم المحاصيل المنتظرة من المستهلكين، إذ يُعدُّ الطعام الشعبي في منطقة المنيا، وتخزن الكثير من السيدات كميات كبيرة منه، خاصة في موسم الحصاد، لأن سعره يكون في متناول الجميع”.

وقال محسن، أحد المزارعين في قرية البرجاية ويبلغ عمره ٤٧ عامًا، إن “إنتاج البطاطس في الموسم الشتوي يصل إلى ما بين 7 إلى 8 أطنان من البطاطس لكل فدان، ويتطلب زراعته كمية تقاوي تصل إلى طنينِ، بالإضافة إلى التسميد والري ونظافة الأرض، وعلى الرغم من التكاليف الإضافية، إلا أن المحصول يتمتع بإنتاجية مميزة وأسعار مجزية، ما يُسهم في توفير البطاطس الجديدة في السوق، ويخدم المستهلكين من حيث الأسعار”.

وأشار محسن إلى أن “عرش المحصول هو عنوان جودته، إذ يُغرس البطاطس التقاوي في الأرض وتغطيتها بالتراب في بداية الزراعة، وبعد مرور 6 أيام، يبدأ الري الأول لتثبيت المحصول في الأرض، خاصة مع حاجة محصول البطاطس إلى البرودة، وعلى الرغم من أن البطاطس يمكن زراعتها على مرتين في العام، إلا أن المحصول يتطلب رعاية طوال فترة الزراعة، خاصة أن الزرع التالي له قد يكون نباتات طبية أو عطرية مثل الكمون أو القمح”.

ويضيف خيري، أحد المزارعين بقرية البرجاية، أن “القرية حققت هذا العام إنتاجية ملحوظة مقارنة بالأعوام السابقة، ما أسفر عن مكاسب مُرضية لمعظم المزارعين”.

ويشير إلى أن “محافظة المنيا تُعد رائدةً في إنتاج البطاطس على مستوى الجمهورية، إذ توفر المحاصيل لجميع محافظات مصر، وتتضمن قرية البرجاية نحو 7 أصناف من البطاطس المزروعة، ما يجذب المزارعين من القرى المجاورة لتقديم محاصيلهم، وينتظر الجميع موسم حصاد البطاطس، إذ يُتيح الفرص للشباب للعمل في هذا الموسم المنتظر بشغف”.

زراعة مساحات شاسعة من أراضي البرجاية بالبطاطس 

في قرية البرجاية، تشهد الأراضي الواسعة زراعة كثيفة لمحصول البطاطس، وفقًا لتصريحات حسين بشر، أحد كبار مزارعي البطاطس في محافظة المنيا، ويشير بشر إلى أن “القرى التابعة للوحدة المحلية بالبرجاية تزرع مساحات شاسعة من هذه المحاصيل الشعبية، التي تُعد الغذاء الرئيس للسكان بصرف النظر عن الطبقة الاجتماعية”. ويذكر أن “صفية” هي أحد أصناف البطاطس الأكثر شهرةً في القرية.

وكشف الحسيني، كبير مزارعي البطاطس في بلدة البرجاية، تفاصيل عملية زراعة البطاطس في المنطقة، مؤكدًا أنهم يزرعونها مرتين سنويًّا، الأولى في يناير ويُجمع المحصول في أبريل، والأخرى في منتصف أغسطس ويُجمع في نهاية نوفمبر، وتستغرق عملية الزراعة مدة 100 يوم”.

وأوضح أن “مصانع الشيبسي تتعاقد مع المزارعين لتوفير التقاوي وزراعتها في البرجاية”، وأشار إلى وجود أصناف مختلفة من البطاطس مثل “ديامونت” و”جزرية” و”روزيتا”.

وقال إن “الفدان يمكن أن ينتج من 10 إلى 15 طنًا من البطاطس، وتحدث عمليات بيع الإنتاج في أسواق العبور والمنيا، بالإضافة إلى التصدير للخارج”.

زراعة البطاطس وفرص العمل

أوضح بعض مزارعي البطاطس أن “موسم الزراعة يُمثّل لهم فترة عمل مكثفة، إذ يشارك أبناء القرية بكل اجتهاد في الأنشطة الزراعية”، وقال محمد توني، مقاول أنفار، إن “العمال يجتمعون منذ الصباح الباكر وينتظمون في ورديات لحرث الأرض، والتجهيز وزراعة التقاوي”.

وأكد صالح، عامل باليومية، أهمية زراعة البطاطس وسيلةً للعيش لجميع أبناء القرية، إذ يشترك معظمهم في هذه العملية، وأشار رجب خالد إلى أن “موسم الزراعة وجني المحصول يعدان فرصًا للخير والازدهار لأهالي البرجاية والقرى المحيطة بها”.

وأكد مرقص يوحنا، عامل باليومية، أن “زراعة البطاطس والعمل في الحقول عملية مهمة لأهالي القرية منذ الأزمنة القديمة، فكان الآباء والأجداد يعملون في هذه المهنة التقليدية التي يفضلها جميع أبناء البرجاية”.

وأوضح كامل حماد أن “أبناء القرية ينظمون أنفسهم في ورديات لجمع المحصول، حيث يعملون من الساعة السادسة صباحًا حتى الساعة العاشرة صباحًا في الوردية الأولى، ومن بعد صلاة الظهر حتى الساعة الرابعة عصرًا في الوردية الثانية”.

ويمكن القول إن “إنتاج البطاطس في قرية البرجاية من أهم الأنشطة الزراعية التي تسهم في اقتصاد المنطقة وتلبية احتياجات المستهلكين، ومن خلال مجهود المزارعين والعناية الفائقة بالزراعة، تتمتع المحاصيل بجودة عالية وإنتاجية مميزة تلبي احتياجات السوق المحلية والعالمية، بالإضافة إلى ذلك، يعمل موسم الزراعة مصدرًا للعمل والدخل لأبناء القرية، ما يُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة”.