كتب : حسن محمد

في قلب الصعيد، تتوارى مواهب كروية مدهشة، تعكس عزيمة شباب مصر وإرثها الرياضي العريق، تلك المواهب المدفونة تحت أشجار النخيل وفي أروقة القرى، تنتظر فقط فرصتها للظهور والتألق في عالم كرة القدم العالمية فالصعيد، بتاريخه العريق وتراثه الرياضي العظيم، يعتبر مزارًا للمواهب التي تنمو في ظل الصعوبات والتحديات، يتمتع أبناء الصعيد بروح قتالية لا مثيل لها ومهارات فنية تجعلهم يتألقون في ملاعب كرة القدم.

ولكن رغم هذا الإشراق المبهر، لا تزال العديد من هذه المواهب مدفونة ومجهولة، بسبب عوامل متعددة منها الإهمال ونقص الفرص والتمييز الجغرافي، إن إلقاء الضوء على هذه المواهب وتحفيزها وتوفير الفرص لها يمثل مهمة لا يمكن تجاهلها، فقد تكمن في أعماق الصعيد الكنز الذي ينتظر العثور عليه واستخدامه لصالح كرة القدم المصرية والعالمية، في هذا التحقيق، سنكشف عن القصص الرائعة وراء تلك المواهب المدفونة، وسنستكشف كيف يمكننا جميعًا أن نساهم في استخراجها وتألقها.

 

 

من الزمن الماضي

تحدث الاستاذ محمد عبدالوهاب أحد مشجعين كرة القدم القدماء في محافظة المنيا ان الكرة في الزمن الماضي كانت تجسد العدالة والمنافسة الشريفة، وكان الصعيد بأكمله يتألق بمواهبه المرعبة التي كانت تثير الرعب في نفوس الخصوم، كانت هناك فترة ذهبية حيث كانت الكشافة تجوب القرى والمدن بحثًا عن المواهب الكروية، دون أن يكون الاهتمام الأساسي هو المال، بل كان الهدف هو اكتشاف الأصالة والموهبة النقية، كانت البطولات المحلية مثل بطولة دوري المدارس وبطولات القطاعات ومنتخبات الصعيد تحظى بالاهتمام والمتابعة، وكانت تشكل فرصة حقيقية للاعبين لإثبات قدراتهم وتألقهم أمام الجماهير، كانت هذه البطولات تعد مدرسة لتنمية المواهب وصقل مهارات اللاعبين، وكانت منصة للعديد من النجوم الصعيديين الذين خرجوا ليصنعوا تاريخًا كبيرًا في عالم كرة القدم مثل الكابتن ربيع ياسين و ك. شديد قناوي وك. احمد حسن وك. وليد سليمان ، لكن الآن يبدو أن هذه الروح قد فُقدت، وأصبح المال والمصالح الشخصية تسيطر على المشهد، مما جعل العديد من المواهب الحقيقية تفقد فرصها وتغيب عن أعين العالم.

 

حلم لم يكتمل

قال محمود محمد الشهير بالسريع، منذ صغري اتخذت أحلامي اتجاهات كبيرة في الملاعب والتألق في عالم كرة القدم، ولم أكن وحدي في هذا الحلم، فالصعيد يعج بالمواهب الكروية الناشئة التي تتوق لفرصة لإثبات ذاتها وتحقيق أحلامها، لكن ما أجده في الواقع هو عقبات تحول دون تحقيق هذه الأحلام، فالمجاملات والتفضيلات تأخذ حيزًا كبيرًا من الفرص، وبدلًا من الاعتماد على المهارة والجدارة، يبحث البعض عن مصالحهم الشخصية، مستغلين ظروف الفقر والحاجة للمال للسيطرة على مستقبل اللاعبين الطموحين، وكثيرًا ما يتحول حلم اللاعب إلى مصدر للمال للوكلاء والمدربين الجشعين، الذين يطالبون بمبالغ مالية باهظة مقابل وعود زائفة بالوصول إلى الأندية الكبرى، في حين يظل اللاعب في مكانه، محرومًا من الفرصة العادلة التي يستحقها، إنها مأساة حقيقية تحتاج إلى تغيير، حيث يجب أن تكون الفرص متاحة لكل شاب يحمل حلم كرة القدم، بغض النظر عن ظروفه الاجتماعية أو الاقتصادية. فالصعيد ينبض بالمواهب، ولكن يحتاج إلى مزيد من العدالة والفرص الحقيقية ليتألق في سماء كرة القدم العالمية.

 

عواقب الاستثمار

اشار الكابتن شريف الانجليزي لاعب كرة قدم سابق ومدرب في اكاديمية في ملوي حاليا الي ان الاستثمار الرياضي قد يكون مختلف ويتضمن تحسين البنية التحتية للرياضة، وتوفير فرص للاعبين الموهوبين، ومع ذلك يمكن أن يؤدي التركيز الكبير على الاستثمار في الأندية الكبيرة والمناطق الحضرية إلى إهمال الصعيد والأندية الجماهيرية، مما يقلل من اكتشاف المواهب في تلك المناطق، هذا النقص في الدعم يمكن أن يؤدي إلى تدهور الرياضة في الصعيد وفقدان الفرص للاعبين الموهوبين هناك، مما يؤثر على حلاوة مرة القدم وتنوع المواهب في المجال الرياضي.

 

الدور الاكبر يكمن في الاتحاد المصري لكرة القدم

قال الكابتن حمادة بكر الساحر مدرب في اكاديمية وادي دجله ان الاتحاد المصري لكرة القدم يجب ان يكون ركيزة أساسية في رؤية وتطوير الرياضة في مصر، وهو على الأخص يلعب دورًا حاسمًا في التصدي لقضية مواهب الصعيد المدفونة في كرة القدم، من خلال استراتيجياته وبرامجه التطويرية، ويجب ان يسعي الاتحاد بحماس وإصرار لتحويل هذه القضية إلى فرصة لاستثمار واكتشاف المواهب الناشئة في مناطق الصعيد، ومن ضمن هذه الجهود يجب ان يعمل الاتحاد على تنظيم برامج تطويرية وورش عمل في المناطق النائية والقرى الصعيدية، بالإضافة إلى إطلاق بطولات ومسابقات شبابية محلية لاكتشاف وتشجيع المواهب الشابة، ومن المفترض ان يسعي الاتحاد لتوفير الدعم المالي والتقني للأندية والمؤسسات الرياضية في الصعيد، بهدف تحسين البنية التحتية وتوفير الفرص اللازمة لتطوير المواهب الشابة ومساعدتها على الوصول إلى المستويات العالية في عالم كرة القدم.

 

في ختام هذا التحقيق الصحفي الشامل حول مواهب الصعيد المدفونة في عالم كرة القدم، يظهر بوضوح أن هذه المواهب تمثل جوهر الرياضة في مصر وتمتلك إمكانات هائلة للتألق على المستوى المحلي والدولي، حيث تحتاج هذه المواهب إلى دعم شامل ومستمر من جميع الجهات المعنية، بدءًا من الأندية والاتحادات الرياضية وحتى المجتمع المحلي، ويجب على الأندية تكثيف جهودها في اكتشاف المواهب وتوفير بيئة مناسبة لتطويرها، بما في ذلك تحسين البنية التحتية وتنظيم البطولات الشبابية بانتظام، من جانبها، ينبغي على الاتحادات الرياضية وضع سياسات وبرامج تشجيعية تدعم اكتشاف وتطوير المواهب في الصعيد، بالإضافة إلى توفير الدعم المالي والتقني للأندية واللاعبين الشبان، وأما المجتمع المحلي، فعليه أن يلعب دوراً فعالاً في دعم المواهب الشابة وتشجيعها على الاستمرار في ممارسة الرياضة وتحقيق أحلامها، إن توحيد الجهود والتركيز المستمر على تطوير مواهب الصعيد سيسهم بشكل كبير في رفع مستوى كرة القدم في مصر وتوفير لاعبين تفيد المنتخب الوطني في البطولات الكبري.