كتبت: آلاء إمام
تنبعث قوة المرأة في الصعيد كنسمة من الصحراء، تعبق بعطر الأصالة وتتلألأ ببريق الإرادة، ترتسم قصصهن بأفعال تحكي عن صلابة الشخصية وعمق العطاء، فهن قامات تحمل على أكتافهن تاريخا مليئا بالصمود والإيمان، دعونا نتعمق في عالمهن الذي يعكس عظمة الروح وروعة الجمال، حيث تتألق سيدة في عالم يشهد تطورات سريعة في مجال المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
تبرز قصة نشوى سرحان كرمز للتحدي والتفوق، كأول امرأة تشغل منصب عمدة في تاريخ محافظة المنيا، فتحدت التقاليد والتحديات لتصبح قائدة محلية لبلدتها، لنتعرف سويا على رحلة هذه الشخصية الملهمة، وكيف استطاعت أن تكون نموذجًا للتميز والإصرار في سبيل خدمة مجتمعها وتحقيق التنمية المحلية.
نشوى سرحان ٥٦ سنة من مواليد الزقازيق بالشرقية، عمدة قرية حميدة الجندي التابعة لمركز مغاغة في شمال محافظة المنيا، وهي تشكل نموذجًا للتميز، حيث تُعتبر العمدة الأولى والوحيدة في محافظة المنيا، بالإضافة إلى أنها ابنة شقيق الفنان الراحل شكري سرحان.
ونشوى سرحان خريجة كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1990، وزوجها محمد علي عبدالجواد، الذي كان محاميًا مشهورًا بتاريخ طويل في المهنة، فقدمت العمدة مثالًا للتفاني والتضحية بمسيرتها الحياتية، وتولت المسؤولية بعد وفاة والدها في عام 2011، وقررت التفرغ لمساعدة أهل قريتها وخدمة مجتمعها.
بعد وفاة زوجها، استمرت “سرحان” في إكما مسيرة زوجها بتقديم الدعم والمساعدة لأهل القرية، حيث كان يُعتبر ركيزة للمجتمع، يساعد في حل مشكلاتهم ويُشارك في تخفيف أعبائهم، قبل وفاته، أوصى بأن يظل بيتهم مفتوحًا لكل أهل القرية، وتابعت الزوجة هذا الإرث بتفانٍ.
وفيما كانت تؤدي العمرة في الأراضي المقدسة، تلقت مفاجأة من ابنها الذي أخبرها بعدم مطابقة شروط ترشيحه لمنصب العمودية بسبب عدم بلوغه سن الـ28 عاما، وكانت تُعتبر هذه المسألة غير متوقعة تمامًا بالنسبة لها.
لكن المفاجأة الحقيقية كانت عندما رشحها ابنها لتولي المنصب، الذي لم تكن تخطط أبدًا لتوليه، وأقنعتها العائلة بتقديم نفسها للترشح لهذا المنصب لمواصلة تقديم الخدمات التي كانت تُقدمها العائلة للمجتمع، حيث كان منصب العمودية يعتبر تقليدًا منذ زمن في العائلة.
تسلمت نشوى سرحان منصب عمدة القرية في يوليو عام 2017، وهو العام الذي احتفلت فيه مصر بالعام القومي للمرأة.
وأعربت عن امتنانها للرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي دعمها وشجعها لتكون على قدر المسؤولية وتقديم الخدمات للمجتمع بكل تفانٍ وإخلاص، وذلك نظرًا لاهتمامه البالغ بقضايا المرأة.
ترى “سرحان” أن دور العمدة يتجاوز حل النزاعات بين أفراد القرية، إذ تعتبر نفسها جزءًا من المجتمع وتتفاعل مع أفراده بروح الأخوة والمحبة، وتقدم القيادات السياسية في محافظة المنيا الدعم اللازم لها، حيث كان اللواء عصام البديوي، محافظ المنيا السابق، أحد أوائل من وقفوا بجانبها وساندوها في مهمتها الجديدة.
يشير التاريخ إلى أن العمدة نشوى سرحان في محافظة المنيا، هي العمدة الرابعة بعد عزة عبد المحسن، عمدة مركز بيلا بمحافظة كفر الشيخ، وناهد عبد الحميد لاشين، عمدة قرية حانوت بمحافظة الشرقية، والمحامية إيفا هابيل، عمدة قرية كم بوها في محافظة أسيوط.