كتبت : الاء امام و لوندي مرزق
تتجلى قوة الإرادة في قدرة الإنسان على تحويل الحلم إلى حقيقة، وهو ما أثبتته بانوراما البرشا، اول فريق مسرح شارع الذي بدأ رحلته برؤية صغيرة وتحول إلى حركة اجتماعية فعالة تحل مشاكل البنات في محافظة المنيا. سنبدأ رحلتنا اليوم مع المدير التنفيذي للفريق، يوستينا سمير، لاستكشاف كيف تحولت فكرة بسيطة إلى مشروع يغير حياة الآخرين.
كيف كانت بداية الفكرة ؟
بانوراما البرشا تمثل شخصية استثنائية في خريطة المسرح الشارعي بمحافظة المنيا، حيث يتجلى دورها الفعّال في حلّ مشاكل وقضايا البنات بطريقة مبتكرة وجريئة من خلال مسرحيات الشارع. بدأت الفكرة الملهمة داخل حدود الكنيسة، متناولة المشاكل الدينية، إلا أنها سرعان ما تطورت لتشمل المشاكل المجتمعية، مع توسع دائرة اهتمامها. ولم يكتفوا بتوسيع الرؤية فقط، بل انتقلوا إلى تحفيز الفعاليات المجتمعية، حيث بدأوا في تجميع الفريق واختيار اسم يعكس رؤيتهم وأهدافهم. وهكذا، ولدت “بانوراما البرشا”، تحمل في اسمها معنى تسليط الضوء على المشاكل والقضايا الجوهرية في قرية البرشا. بدأت الرحلة الإبداعية في عام ٢٠١١، حيث انطلقوا بمسرحياتهم في قاعات، ورغم تجاذب الجماهير، إلا أن الرجال كانوا يتفاعلون بشكل أكبر من النساء، مما دفعهم لاستكشاف طرق جديدة للتواصل مع المجتمع. ولم يكتفوا بهذا الحد، بل استهدفوا طموحهم الأساسي، حيث أطلقوا أول مسرحية في الشارع في عام ٢٠١٤، لترسخ فكرة الانفتاح والتواصل الجماهيري في مجتمعهم.
ما اهم القضايا التي تناولتها الفرقة ؟
تناولت بانوراما البرشا، بتصوير مؤثر وعميق، مجموعة متنوعة من القضايا النسائية التي تعاني منها المرأة في المجتمع. ومن بين هذه القضايا المهمة التي تناولتها الفرقة، مسرحية “محكمة القرية”. ففي هذه المسرحية، اظهرنا واقع المرأة في القرية، حيث يتم محاكمتها بتهمة الخطأ والعيب، مثل الختان وكثرة الانجاب، وذلك رغم أنها ضحية للظروف القصرية والمجتمعية التي تفرض عليها. تعكس هذه المسرحية بشكل مؤلم وواقعي التحديات التي تواجهها الفتيات والنساء، وكيف يتم محاسبتهن على قرارات تتعلق بحياتهن الشخصية بدلاً من دعمهن ومساندتهن. بعد هذه التجربة القوية، ركزت الفرقة أيضًا على مشاكل العنف والزواج المبكر، بما يعكس التزامها بتسليط الضوء على الظلم والاضطهاد الذي يعانيه النساء في المجتمع.
ما هو اسلوب الفرقة في حل القضايا المجتمعية ؟
أسلوب بانوراما البرشا في حل المشاكل يتمثل في الاستماع الفعّال إلى أصوات المجتمع والتفاعل معها بشكل مباشر. عندما نقرر تقديم عروض جديدة، نبدأ بالبحث عن المشاكل التي تواجه البنات في الوقت الحالي، وهذا يتضمن عمل ورش عمل تفاعلية مثل “ورشة الحكي”، حيث يقوم أعضاء الفريق بالتواصل مباشرة مع سكان القرية لجمع آرائهم وتجاربهم. على سبيل المثال، في مسرحية “الفرح”، قمنا بإرسال رسائل إلى الأشخاص تتضمن أسئلة محددة حول تجاربهم الشخصية، ثم نقوم بتحليل الإجابات وتحديد القضايا الرئيسية التي يمكننا التركيز عليها في عروضنا القادمة. هذا النهج الشامل يسمح لنا بتحديد اتجاهنا وتوجيه جهودنا نحو حل المشاكل الأكثر إلحاحًا وأهمية للمجتمع.
هل تبقى المشكلات الأولوية للعدد الذي تحدثه، أم يتم التركيز على تأثير تلك المشكلات؟
بالطبع، التركيز يجب أن يكون على التأثير، فلنأخذ مثالًا بسيطًا في الماضي كانت بعض الأسر تعاني من ظاهرة ضرب البنات ورغم أنها لم تكن مشهورة على نطاق واسع إلا أن آثارها بدأت تظهر عندما كبرت هؤلاء الفتيات معاناتهن من الأمراض النفسية وضعف العلاقات الاجتماعية لذا قمنا بإطلاق حملة تحت شعار لا لضرب البنات .
كيف كانت ردود أفعال الناس عند مشاهدتهم عروض فريق بانوراما البرشا؟
في البداية في عام 2014 لم يكن الوعي العام منتشرًا بشكل كبير، بدأت بعض الأسر تقدم شكاوى معبرة عن عدم رضاها عن المشاركة البناتية في الفعاليات والعروض ومع تحملنا للتحديات والانتقادات، بدأت تتغير تلك الآراء بمرور الوقت.
ما هي الصعوبات التي واجهها فريق بانوراما البرشا؟ وكيف تم التغلب على تلك المشكلات؟
بدءًا من البداية كانت التحديات تشمل غياب الشباب في الفريق، مما صعَّب على الفريق عرض فعالياته، لكن بتدخل أحد أفراد الفريق واخذ ادور الشباب في العروض تم التغلب على هذه المشكلة وعلى الرغم من ذلك، واجه الفريق تحديات أخرى مثل عدم رضا الناس مع اختلاط الأولاد بالبنات في العروض، لكن بالتواصل المستمر مع المجتمع تم تجاوز تلك الصعوبات.
ببساطة قام الفريق بالتواصل المباشر مع الأهالي، محاولًا تغيير آرائهم وتقديم الدعم لهم في التعامل مع أولادهم بطريقة صحيحة، وهو ما حظي بتقدير ودعم كبير منهم.
هل نجح الفريق في حل بعض القضايا؟
بالفعل نجح الفريق في زرع فكرة مشاركة البنات في المجتمع ونشر الوعي بين الأهالي مما ساهم في حل مشكلة الزواج المبكر وتحسين العلاقات الاجتماعية و اقتراب الاهالي من اولادهم واعطاء مساحتهم الشخصية في اختياراتهم.
ما هي أبرز الإنجازات التي حققها الفريق؟
تمكن فريق بانوراما البرشا من إنشاء عدة فرق فنية متنوعة، وتنظيم العديد من العروض والمشاركات في مهرجانات محلية ودولية (الفرح، محكمة القرية، احاول البر شاويه، ابيض و اسود، متخفيش ومشاركة بعض افراد التيم في فيلم الريش و فيلم لعبة الموت بطولة اسر ياسين و فيلم الزين و هكذا شارك في عدة مهرجانات كما شارك في مهرجان الفرح في دولة تونس).
“ما هي الخطط المستقبلية للفريق؟
يسعى الفريق إلى بناء مدرسة فنية للبرشا تشمل كل القرى وتستقطب المواهب، بالإضافة إلى توسيع نطاق تواجدهم في الصعيد وحل المزيد من المشكلات المجتمعية.