كتبت آلاء امام
عمار الشريعي، الموسيقار والمؤلف والناقد الموسيقي المصري الشهير، ترك بصماته العميقة في المشهد الموسيقي المصري، حيث برزت مواهبه في الموسيقى الآلية والغنائية، وأيضًا في تلحين الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية، على الرغم من إعاقته البصرية، إلا أنه تفوق وابتكر في عالم الموسيقى، مما جعله واحدًا من العمالقة في مجال تأليف الموسيقى في مصر، وكان له برنامج إذاعي شهير يحمل اسم “غواص في بحر النغم”، بالإضافة إلى برنامج تليفزيوني على قناة دريم يحمل عنوان “سهرة شريعي”.
ولد عمار الشريعي في سمالوط، إحدى مراكز محافظة المنيا بصعيد مصر، في 16 إبريل 1948م ، حصل على تعليمه الابتدائي والثانوي في مدرسة طه حسين الثانوية للمكفوفين بالقاهرة، حيث تخرج عام 1966م، وانضم بعد ذلك إلى كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة عين شمس وتخرج منها عام 1970م، درس علوم الموسيقى والتأليف الموسيقي عن طريق مدرسة هادلي سكول الأمريكية لتعليم المكفوفين بالمراسلة، وتلقى علوم الموسيقى الشرقية خلال برنامج مكثف أُعِد خصيصًا للطلبة المكفوفين الراغبين في دراسة الموسيقى. كما التحق لفترة وجيزة بالأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقى.
مسيرة الشريعي الفنية كانت حافلة ومميزة، حيث تولى منذ عام 1991 م وحتى عام 2003 وضع الموسيقى والألحان لاحتفاليات أكتوبر التي تقيمها القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع وزارة الإعلام والتي تعتبر ذروة احتفالات جمهورية مصر العربية بانتصارات أكتوبر المجيدة والتي قام تحت رعاية وحضور سيادة الرئيس محمد حسنى مبارك.
في عام 1995م ، صدر قرار وزاري بتعيينه أستاذاً غير متفرغ بأكاديمية الفنون المصرية،
وتناولت أعماله العديد من الرسائل العلمية لدرجتي الماجستير والدكتوراه في المعاهد والكليات الموسيقية بلغت 7 رسائل ماجستير و3 رسائل دكتوراه من مصر في كلية التربية الموسيقية، جامعة حلوان، وكلية التربية النوعية، جامعة القاهرة،ومعهد الموسيقى العربية بأكاديمية الفنون، ورسالة دكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا.
خلال فترة دراسته، بجهود ذاتية، تعلم عمار الشريعي فنون العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود، وفيما بعد الكي – بورد. بدأ حياته المهنية عام 1970م، حينما كان عازفًا لآلة الأكورديون في عدة فرق موسيقية مصرية، وبعد تخرجه من الجامعة، انتقل إلى الكيبورد “الأورج”، حيث برزت موهبته كأحد أبرز عازفي جيله، متحدًا معوقته البصرية في استخدام هذه الآلة المعقدة التي تعتمد بشكل كبير على البصر.
اتجه إلى التلحين والتأليف الموسيقي، وكانت أولى ألحانه “إمسكوا الخشب” للفنانة مها صبري عام 1975م، وزادت ألحانه لتشمل أكثر من 150 لحنًا لمعظم المطربين المصريين، وقد برع في تلحين الموسيقى التصويرية للأفلام والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية والمسرحيات، حيث نالت أعماله شهرة واسعة وحازت على جوائز على الصعيدين العربي والعالمي.
أسس في عام 1980م فرقة “الأصدقاء”، وحاول من خلالها مزج الأصالة بالمعاصرة وإبتكار غناء جماعي حديث يعالج قضايا المجتمع في تلك الفترة.
كما أبدى اهتمامًا كبيرًا بأغاني الأطفال، حيث قام بتأليف أغاني احتفالات عيد الطفولة تحت رعاية السيدة سوزان مبارك لمدة 12 عامًا متتالية، وشارك في هذه الأعمال نخبة من كبار الممثلين والمطربين.
وأظهر اهتمامًا خاصًا بإكتشاف ورعاية المواهب الجديدة، مثل منى عبد الغني، حنان، علاء عبد الخالق ، ريهام عبد الحكيم ، آمال ماهر ، أحمد علي الحجار.
تجاوز عدد أعماله السينمائية 50 فيلماً، وأعماله التليفزيونية 150 مسلسلاً، وما يزيد على 20 عملاً إذاعياً، وعشر مسرحيات غنائية استعراضية.
ومن أشهر اعماله الموسيقية مع المطربين السمفونية الرائعة مع وردة الجزائرية في اغنية(قبل النهاردة)
كما كان له تعاون رائع مع سفير الأغنية الخليجية الفنان الكبير عبد الله الرويشد باغاني وطنية وعاطفية منها:
استحملك : كلمات/ الشاعر الكبير بدر بو رسلي.
مسحـور : كلمات/ الشاعر الكبير بدر بو رسلي.
لا تصــدق : كلمات/ الشاعر الكبير ساهـــر.
الجرح الأخير : كلمات/ الشاعر الكبير بدر بو رسلي.
حصل الشريعي ع العديد من الجوائز أهمهم جائزة مهرجان فالنسيا، إسبانيا، عام 1986.
وجائزة مهرجان فيفييه، سويسرا، عام 1989.
و وسام التكريم من الطبقة الأولى من السلطان قابوس بن سعيد، سلطنة عمان، عام 1992.
و وسام التكريم من الطبقة الأولى من الملك عبد الله بن الحسين – ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
والعديد من جوائز الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما والمركز الكاثوليكي للسينما ومهرجان الإذاعة والتليفزيون عن الموسيقى التصويرية من عام 1977 حتى عام 1990.
وجائزة الحصان الذهبي لأحسن ملحن في إذاعة الشرق الأوسط لسبعة عشر عاماً متتالية.
وجائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، عام 2005.
ووسام التكريم من الطبقة الأولى مرة ثانية من السلطان قابوس بن سعيد، سلطنة عمان، عام 2005.
تزوج الشريعي من الإعلامية الشهيرة السيدة ميرڤت القفاص وأنجب منها مراد والذى قام بتسميته علي اسم شقيقه رحمه الله واسم جده أيضا،
وهو أخ لكل من السفير محمد محمد ابراهيم الشريعي سفير مصر بدولة استراليا، والمرحوم مراد مهندس بترول والعمدة علي الشريعي عمدة منشأة الشريعي مسقط رأسهم والنائب السابق نجيب نائب الشوري وشقيقتهم ليلي ربة منزل.
تعددت هوايات الشريعي حيث كان سباحاً ماهراً وراكب للخيل ببراعة كما برع في الصيد ايضاً ورغم استقراره في القاهرة إلا أنه كان دائم الزيارة إلي المنيا ومنزل العائلة بسمالوط وكانت دائما ما تحضر معه الفنانة آمال ماهر في السنوات الأخيرة لإحياء ذكري العيد القومي لمحافظة المنيا وكان دائم التبرع لفقراء سمالوط والعاملين بالمنزل، وكان دائم الخير وتقديم أعمال صالحة لفقراء المركز والمنازل المجاورة له رغم أنه غير متواجد باستمرار بالإضافة الى مساعدته للمعاقين .
بدأت حالة الشريعي الصحية بالتدهور خاصة بعد أزمات قلبية عديدة دفعته الي إجراء العديد من عمليات توسيع الشرايين والدعامات والبالونات وأجرى 3 عمليات تغيير شرايين منها واحدة بانجلترا علي يد الطبيب العظيم مجدي يعقوب وعمليتان اخرتين في الولايات المتحدة الأمريكية حتي أصيب بانهيار في وظائف الكلي وضعف شديد في عضلة القلب.
أعلن ظهر الجمعة السابع من ديسمبر 2012 عن وفاة الموسيقار الكبير عمار الشريع اثر أزمة قلبية داخل إحدى مستشفيات القاهرة عن عمر جاوز 64 عاما جراء أزمة صحية لازمته خلال العام الأخير كله، وقبع الموسيقار الكفيف الراحل طيلة الأشهر الأخيرة في مستشفى بالقاهرة للعلاج من مشكلات في القلب والرئة وأجرى مؤخرا جراحة “قسطرة” في القلب وجراحة أخرى لإزالة الماء من على الرئة.
شيع الفنانون جثمان الموسيقار الراحل عمار الشريعي، ظهر السبت الموافق 8 ديسمبر 2012، من مسجد الحامدية الشاذلية بالمهندسين إلى مثواه الأخير بمدافن العائلة بمدينة سمالوط بالمنيا ، حيث حضر وزير الثقافة، محمد صابر عرب، كما حضر عدد كبير من الفنانين منهم إيمان البحر درويش، والمخرج جلال الشرقاوي، ودلال عبد العزيز،وصلاح السعدني، ومصطفى كامل، ومحمد هنيدي، ومحمد عبد الحافظ .