كتب: لوندي رزق

في قلب الصحراء المصرية، حيث يلتقي الزمن الماضي بالحاضر يبرز دير أبو فانا كواحد من المعالم الأثرية التي تحمل في طياتها تاريخًا عريقًا للديانة المسيحية في مصر والدير يحمل اسم أبو فانا أو آفا فانا وهو راهب مسيحي مصري ويُطلق عليه أحيانًا اسم دير القديس أبو فانا أو دير الصليب نظراً للصلبان المزخرفة التي تزين كنيسة الدير.

يرجح المؤرخون أن الدير شيد فوق موقع دفن أبو فانا إذا اكتشف معهد الآثار النمساوي في القاهرة عام 1992 قبرًا يُعتقد أنه يعود للراهب المصري. يشير المؤرخون إلى أن ترميم كنيسة أبو فانا كان على يد الرشيد أبو فضل في القرن الثاني عشر، وفقًا لكتاب أبو المكارم.

أما المؤرخ المصري الشهير المقريزي فقد كتب في القرن الرابع عشر عن الشكل المعماري المميز الذي يتسم به الدير، كما أشار كتاب تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية إلى هذا الدير مرتين، واحدة تتعلق بانتخاب ثيؤدوسيوس الثاني، بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والأخرى حول طفولة البطريرك متاؤوس الأول و تشير المصادر التاريخية إلى أن الدير كان موطنًا لحوالي 1000 راهب في فترات ما قبل الإسلام، ولكن العدد تقلص بشكل كبير قبل القرن السابع.

في زيارة للعالم الألماني الدكتور أوتو مايناردوس في ستينيات القرن العشرين، وُجد أن الدير في حالة من الحطام، حيث لم يتبق سوى الكنيسة التاريخية مع بقايا تنتشر على مساحة واسعة وقد عثر على قطع من الجرانيت الرمادي ما يشير إلى احتمالية بناء الدير على موقع معبد قديم.

على هضبة قريبة من الدير، نجد حطام قصر أو برج كان يستخدم في الأديرة القديمة وبالقرب من ذلك على بعد حوالي 80 مترًا يقع كهف أبو فانا، حيث يُعتقد أن الراهب عاش فيه بينما يشير مايناردوس إلى أن الدير لم يكن مأهولًا في زيارته.

المبنى المتبقي من الدير القديم يتألف من كنيسة بازيلكا قديمة تغوص في الرمال، وسط رابية شاسعة، وفقًا لما ذكرته الموسوعة القبطية، مع احتمال وجود صوامع أو قلالي منفصلة مغطاة بالرمال.

دير أبو فانا يمثل جزءًا مهمًا من التراث المسيحي في مصر، ويعتبر مكانًا فريدًا لاستكشافه لمن يبحث عن التاريخ والروحانية في آن واحد.