كتب : حسن محمد

تتميز الكرة المصرية بتواجد العديد من المواهب الكروية، فهي مثل الذهب الذي لا يصدأ على مر الزمن، حيث يبقى إرثها حاضرًا في ذاكرة عشاق اللعبة بفضل الأداء الرجولي والمهاري الذي قدموه على أرض الملعب عبر تاريخها الحافل ، ويعتبر الكابتن محمد لطيف واحدًا من هذه المواهب الكروية، حيث تجاوزت مهارته حدود الملعب لتصل إلى عالم التعليق الرياضي. وُلِدَ لطيف في عام 1910 في قرية الزيتون بمحافظة بني سويف، وترعرع في حي القلعة بقلب القاهرة، حيث كان متعلقًا بكرة القدم منذ الصغر.

فمن منا يمكنه نسيان تعليقاته الشهيرة مثل : “وزى ما احنا عارفين إن الكورة إجوان ” و ” جت فى الألومنيا ” ” الجون بييجي فى ثانية ” و ” الجو النهاردة جو كورة ”

و ” الجايات أكثر من الرايحات” و ” لو بصيت على يمينك هتلاقي جمهور الزمالك بالأعلام البيضا، وعلى شمالك جمهور الأهلي بأعلامه الحمرا ” و ” الحكم ده صفارته محترمة”.

 

انطلقت شهرة “كابتن لطيف” كأحد أبرز معلقي الرياضة منذ السبعينيات، وما زالت شهرته متجذرة وسمعته الطيبة وأسلوبه الفريد في التعليق الرياضي تحظى بإعجاب الأجيال المتعاقبة، ولكن تاريخ “لطيف” بدأ قبل ذلك بكثير، حيث كان يلعب كجناح أيمن لفريق مدرسة الخديوية، الذي اشتهر بفوزه بكأس دورة المدارس عام ١٩٢٠، وفيما بعد انضم إلى فريق الزمالك، عن طريق الكابتن حسين حجازي والذي كان يُعرف آنذاك بفريق “المختلط”، وسجَّل أول أهدافه بقميص الزمالك في مرمى الأهلي خلال مباراة ودية، ليبدأ بذلك مسيرته الرياضية المليئة بالإنجازات والتألق أمام فرق المنافسة.

 

شارك في صفوف منتخب مصر في عام ١٩٣٢ وشارك في بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام ١٩٣٤ في إيطاليا، وعند عودته تم ترشيحه لدراسة علوم التربية الرياضية في كلية جوردون هيل الإنجليزية، وفي نفس الوقت احترف مع فريق “رينجرز”، أحد أقوى أندية اسكتلندا، حقق خلال فترة احترافه الإنجليزية العديد من الإنجازات، وأبرزها كان لقاءه مع صحفي بريطاني حيث أجرى تعليقاً لإحدى المباريات، وهذه التجربة كانت مصدر إلهامه لمستقبله المهني.

 

اعتزل كابتن لطيف لعب كرة القدم سنة ١٩٤٥، ووصلت شهرته إلى درجة كبيرة جعلته يظهر بشخصيته كمعلق رياضي في العديد من الأفلام المصرية، بما في ذلك “غريب في بيتي” (١٩٨٢) مع النجمين سعاد حسني ونور الشريف.

 

كان لطيف أول لاعب مصري يحصل على دراسات متقدمة في التدريب من إنجلترا، وقاد بعدها تدريب فريق الزمالك وتم تعيينه مدربًا لمنتخب مصر لكرة القدم، واتجه أيضًا لمسار التحكيم وتقدم فيه حتى حصل على الشارة الدولية وأدار العديد من المباريات ذات الطابع الدولي.

 

كان أول من قدم التعليق الرياضي عبر الإذاعة في عام ١٩٤٨، وكان أيضًا رائدًا في تقديم التعليق على مباريات كرة القدم التلفزيونية في الستينيات، وشغل أيضًا منصب مراقب عام للبرامج الرياضية بالتلفزيون المصري لمدة ١٦ عامًا، كما أذاع مباريات كأس العالم منذ عام ١٩٦٤، وظل رفيقًا دائمًا للتعليق الرياضي حتى وفاته في ١٧ مارس ١٩٩٠.