كتبت : غادة محمد

تتألق في قلب محافظة المنيا تحديدًا في منطقة آثار بني حسن ،  منطقة إسطبل عنتر كواحدة من أبرز المواقع الأثرية والتاريخية التي تزين هذا الجزء الساحر من مصر. تحتضن المنيا، المدينة التي تغنت بتاريخ عريق وثقافة غنية، العديد من المعالم الأثرية البارزة التي تروي قصصًا عريقة عن الماضي العربي والإسلامي. ومن بين هذه المعالم، تبرز منطقة إسطبل عنتر كنقطة تحفيزية لاستكشاف ثراء المنطقة التاريخي وجمالها الطبيعي، إنها ليست مجرد موقع أثري عابر، بل هي واحة تاريخية تنبض بالحياة، تروي للزائر قصصًا مثيرة وتعرض تاريخًا غنيًا. ففي كل زاوية، يمكن للمرء أن يستنشق روح الزمان القديمة ويتذوق جماليات التراث العربي. يعد اكتشاف أسرار هذه المنطقة الساحرة رحلة لا تنسى تنطلق من أرض الفراعنة إلى عمق التاريخ الإسلامي، مما يجعلها وجهة مفضلة لعشاق الثقافة والتاريخ على حد سواء. وفي هذا الحوار مع الأستاذ جمال أبو بكر مدير هيئة الآثار بالمنيا سنتعرف على جمال وأهمية منطقة إسطبل عنتر ، ونستكشف معالمها الأثرية ونغوص في عمق تاريخها العريق لنستمتع بتجربة سفر لا تُنسى عبر زمن وثقافة مميزين.

 

اين تقع منطقة اسطبل عنتر؟

يقع إسطبل عنتر جنوب مقابر بني حسن، على بعد نحو ثلاثة كيلومترات منها، ويعد من أهم المزارات السياحية بالمنيا، وتضم المنطقة نفسها آثارًا من مختلف العصور بدءًا من عصر الدولة القديمة والوسطى والحديثة مرورًا بالعصرين اليوناني والروماني.

 

ماذا يوجد داخل منطقة إسطبل عنتر الأثرية ؟

يوجد داخل منطقة إسطبل عنتر بقايا كنيسة ترجع إلى العصر القبطي ولكن هذه الكنسية ليست أهم شيء تشتهر به منطقة إسطبل عنتر فشهرة المنطقة تعود إلى وجود معبد منحوت في الصخر للإلهة باخت التي كان يقدسها المصريون في صورة قطة برية والتي شبهها الإغريق بالإلهة أرتميس والرومان بالإلهة ديانا لذلك أسماه الإغريق ” كهف أرتميس “، غير إنه في العربية عرف باسم ” إسطبل عنتر ” وهو أحد أبطال قصص الفول كلور العربية.

وتجد عند دخولك المنطقة الأثرية منطقة جبانة قديمة عرفت باسم جبانة القطط البرية، وفيها ستتيقن أن تلك الجبانة كانت مخصصة لدفن القطط البرية رمز المعبودة باخت بعد تحنيطها .

 

هل يرجع تسمية منطقة إسطبل عنتر بهذا الاسم نسبة الى عنتر بن شداد؟

لا، حيث أطلق عليه اليونانيين اسم (كهف أرتميس)، وتعرف المنطقة باسم إسطبل عنتر، نسبة إلى بطل من أبطال القصص العربي ، وأهم ما يميز هذا المعبد النقوش ، الذى يحكى كيف قامت حتشبسوت بترميم وإعادة ما خربه الهكسوس أثناء احتلالهم لمصر. فيوجد به معبد حتشبسوت والذي ترجع أهميته إلى النقش الموجود على واجهته الأمامية، كما يوجد في المنطقة كهف يحمل اسم إسكندر الثاني وهو ابن الإسكندر الأكبر ودوكسانا وجبانة ترجع إلى العصر المتأخر بجانب جبانة للقطط

كما تضم مقابر بني حسن الأثرية نحو 40 مقبرة أثرية من مختلف عصور ما قبل الميلاد، وتتميز بالمقابر ذات الألوان الزاهية والمحفورة في الجبل بداية من عصر الدولة القديمة وحتى العصر الروماني والتي تعد من أهم المزارات السياحية بالمنيا وتقع تحديدًا منطقة إسطبل عنتر الأثرية في البر الشرقي أمام مركز أبو قرقاص بالمنيا وجنوب مقابر بني حسن الشهيرة بعدة كيلو مترات.

 

من هي الإلهة باخت؟

يعنى اسمها الممزقة أربًا و تجسد في هيئة اللبؤة و قد عُبدت في مصر الوسطى وارتبطت بالملكية وبعض المعبودات و قد عرفت باخت منذ عصر الدولة الوسطى حينما ورد ذكرها في نصوص التوابيت حيث وصفت بأنها صائدة ليلية ذات مخالب حادة وتصنف المعبودة باخت ضمن الربات اللاتي اتخذن هيئة اللبؤة ذات الطبيعة الشرسة مثل الربة سخمت كما ارتبطت بإحدى صور المعبود حور كزوج لها و تشابهت مع بعض الربات الأخريات مثل سخمت ووريت حكاو و ايزة و شبهت بالربة ارتميس إلهة الصيد عند الإغريق و رغم ندرة تصويرها في النقوش و المناظر إلا أنها كانت تجسد في تلك الحالات النادرة بهيئة تجمع بالهيئة الأدمية والحيوانية حيث تصور في شكل سيدة برأس أنثى الأسد ، و قد عبدت باخت في منطقة بنى حسن بالمنيا وكان نطاق عبادتها و تقديسها لا يتعدى المنطقة المحيطة بها و شيدت لها مقصورة منحوتة في الصخر من عهد الملكة حتشبسوت وتحتمس الثالث في منطقة عبادتها وذلك فيما يعرف بكهف ارتميس و قد خصصت جبانة كاملة للقطة المقدسة في هذه المنطقة باعتبارها صورة للمعبودة باخت والتي تؤرخ على الأرجح بالعصور المتأخرة

 

وضح لنا تخطيط المعبد !

تخطيط المعبد:

قد حملت باخت على واجهة الكهف باخت العظيمة التي تخترق الوديان القائمة في وسط الأرض الشرقية ذات الطرق التي اجتاحتها العواصف و كان هذا الموقع فى الأصل محجرًا ثم تحول إلى الغرض الديني و شيد به المعبد في عهد حتشبسوت وتحتمس الثالث كما أضاف إليه سيتي الأول بعض الإضافات .

 

من ماذا يتكون المعبد ؟

  • رواق يستند سقفه على صفين من الأعمدة بكل صف أربعة اعمدة لم يتبقى من الأعمدة الثمانية سوى ثلاثة فقط تحمل أسماء تحتمس الثالث و سيتي الأول وقد وضعت هذه الأسماء في أماكن أسماء حتشبسوت التي ازالها سلفها تحتمس الثالث.

و يرى على العتب الخارجي فوق المدخل نص هام للملكة حتشبسوت و فيه إشارة منها لإصلاح ما هدمه الهكسوس إذ تقول ( قمت بترميم ما هدم و رفعت ما لم يتم بناؤه منذ ان كان الآسيويون وسط أواريس بالدلتا و قد احتلها البرابرة بعد أن هدموا ما تم إنشاؤه على أنهم حكموا البلاد متجاهلين الإله رع)

يوجد أيضًا منظر يصور الملك و هو يتقبل من الإلهة باخت صولجان رمزي لمصر العليا والسفلى و جدير بالملاحظة ان سيتي الأول هو الملك الذى صور في جميع هذه المناظر حيث أنه قام بنقش هذا الجزء من المعبد فيشاهد على المدخل في منظر مزدوج يؤدى رقصة بعض الاحتفالات القديمة قابضًا في يديه المجداف و الإناء أمام الإلهة باخت كما صور الملك على جانبي الباب، يرى على الحائط الشرقي نص طويل لسيتي الاول و منظر يمثله يقدم نبيذًا إلى الإلهة باخت و يشاهد الملك وهو يقدم القرد و هو الحيوان المقدس الإله تحوت إلى الإلهة باخت التي تبادله الهدية بأخرى على هيئة صولجان و في وسط هذا الجدار يوجد باب يؤدى إلى قدس الأقداس .

يؤدي الممر السابق ذكره إلى حجرة داخلية مساحتها 21 قدما مربعًا و في الحائط الخلفي للحجرة توجد كوة ربما كان يوضع بها تمثال المعبودة باخت و على جانبي هذه المقصورة نصوص لسيتي الأول للإسطبل الصغير.

نحت  الغرب من كهف ارتميس معبد صغير نقش على مدخله الخارجي اسم الإسكندر الثاني ابن الإسكندر الأكبر من زوجته الفارسية روكسانا و على الجانب الأيسر للعتب ثلاثة مناظر تمثل الملك يتعبد إلى حورس و أمون ربع و يقدم صورة الإلهة ماعت إلى الإلهة باخت و على الجانب الأيمن للعتب أيضًا ثلاثة مناظر نرى فيها الملك يتعبد إلى الإله شو و بعض الآلهة الأخرى و لقد هدم القسم الداخلي للمعبد و يبدو أنه لم يكتمل بناؤه.