كتبت :ساره جمال مصطفى

 

يعتبر جامع خوند أصلباي الشهير بمسجد قايتباي بمحافظة الفيوم من أشهر معالم الآثار الإسلامية بالمحافظة وهو من المقاصد السياحية لراغبي زيارة الآثار الإسلامية بالمحافظة، حيث أنه أنشئ بطراز معماري فريد، وفي موقع هام بمدينة الفيوم، وبه نقوش وزخرفة معمارية فريدة لا شبيه لها بباقي مساجد المحافظة.

بني مسجد قايتباي في العصر المملوكي عام 1476 على يد “خوند أصلباي” زوجة السلطان الأشرف قيتباي في زمن سلطنة ابنها السلطان الناصر محمد بن قايتباي يقع المسجد في أقصى الطرف الشمالي للقسم الغربي من مدينة الفيوم على ضفاف ترعة بحر يوسف وللمسجد معالم أثرية مميزة مثل دكة المقرئ والباب والمنبر الذي يمكن فكه وتركيبه والمطعم بسن الفيل الذي استورد خصيصًا له من الصومال.

ذكر الدكتور صالح فتحي أستاذ الآثار الإسلامية في كلية الآداب جامعة المنيا في تصريحات خاصة لإقليميشن : “أنشئ هذا الجامع في ربيع الآخر سنة (905 هـ /1499 م ) وأنشأته خوند أصلباي زوجة السلطان قايتباي وهي أم ولده السلطان محمد (901-904 هـ /1496-1498 م ) وأخت السلطان الملك الظاهر أبو سعيد قانصوة وقد تزوجت من الأتابكي جان بلاط الذي تولى السلطنة فيما بعد سنة (905 هـ-906 هـ /1499-1500 م ) وذلك بعد وفاة ابنها الناصر محمد وانتهاء زمن سلطنة أخيها وتعرضت أصلباي للاضطهاد في عهد سلطنة العادل طومان باي سنة 906هـ /1501 م، وذهبت إلى الحج في عهد قانصوة الغوري (906-922 هـ / سنة 915 هـ / 1520 م ” .

وأكد أن موقع الجامع قديمًا كان يقع نصفه الشمالي الغربي على بحر يوسف فوق قنطرة بفتحتين والنصف الآخر فوق الأرض وفي سنة 1887 م حدث تصدع لهذا الجامع وفي سنة 1893 أنهار نصفه المقام على القنطرة تتجه انهيارها هي الأخرى بحر يوسف لكنه تم الحفاظ على جزء منها بواسطة لجنة حفظ الآثار العربية وأصبحت مساحته مقصورة على الجزء المبنى على الأرض أما الواجهة الشمالية الغربية للمسجد طولها 14,10م بها 3 دخلات، ويتوج كل دخلة من أعلى بثلاث صفوف من المقرنصات، وتتكون كل دخلة من شباك يعلوه عتب مسطح.

أما الواجهة الشمالية الشرقية طولها 88 ,19 م تحتوي هذه الواجهة على 4 دخلات بكل منها شباك وهي تشبه دخلات وشبابيك الواجهة الشمالية الغربية.

والواجهة الشمالية طولها 97, 8 م وهي محصورة بين الواجهتين الشمالية الغربية، الشمالية الشرقية، بها دخلة لا تختلف عن الدخلات السابقة، لها فتحة شباك لم يبقى منها سوى الإطار الخشبي، وسدت فتحة الشباك ويحصر هذه الواجهة عمودي – ناصية يشتركان معهما ومع الواجهتين الشمالية الغربية، الشمالية الشرقية، والواجهة الجنوبية الشرقية تحتوي من داخل المسجد على مكاتب تخص هيئة الأوقاف وبها زيادات خارجية على المسجد لم تكن من أصله أثناء الإنشاء لكنها عبارة عن دخلتان، وفي المنتصف بين الداخلتين بروز عن سمك الجدار وهو تحديد لموضع المحراب من الخارج، ويتوجها مجموعة من الشرفات المسننة.

الواجهة الجنوبية الغريبة لا تمدد على استقامة واحدة، لكن تنكسر من ناحية الجنوب لتلقي مع الواجهة الجنوبية الغربية ويوجد بها شباك من مصبعات معدنية يعلوه جفت لاعب ذو ممية دائرية. وبجوارها يوجد دخلة الباب بينما المدخل الرئيسي يبرز عن سمك الواجهة بمقدار 36 ,1 م وهو عبارة عن حجر غائر وعلى جانبيه مكلستين وقد أحاطتا بحفت لاعب ذو ميمة دائرية، وجعله ممتدًا إلى أعلى حتى بداية العقد المدائني، ثم شكل الجفت لاعب الكامل ولكنه عبارة عن نصف جفت، وهو ما يطلق عليه أصل الصنعة ” كرندان ” وبصدر هذا الحجر فتحة الدخول، ويقفل عليها باب خشبي ذو مصراعين وهو مصفح من الحديد.

 

وقد لفت دكتور صالح فتحي  أن أهم النصوص المنقوشة بالمسجد تضمنت نص ( بسم الله الرحمن الرحيم إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) ومدون أيضًا نص ” أنشأت هذا الجامع والقناطر خوند والدة الملك الناصر أبو السعادات محمد بن قايتباى بإشارة من الشيخ عبد القادر الدخطوطي نفعنا الله ببركاته والملسمين آمين ) ويعلو فتحة الباب عقد عاتق مكون من سابع صنجات، وعتب يحصران بينهما نفيس وهو مزخرف بزخرفة نباتية مورقة ( الأربيسك ) وعلى جانبى العقد العاتق يوجد خرطوشتان مستديران بكل منهما نص كتابي يقرأ في الوسط ” عز لمولانا السلطان الملك الناصر”.

 

وقد وصف في تفاصيل المسجد من الداخل أنه يتبع نظام مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام فهو يتكون من صحن أوسط تحيط به 4 أروقة أكبرها رواق القبلة فكان له صحن مبلط بالحجر الجيري وبالغرب من الركن الجنوبي للصحن يوجد فوهة صهريج .ويلي باب الدخول إستطراق على جانبيه رواقان أكبرهما رواق القبلة وذلك نظرًا لصغر مساحته والاستطراق يفصل بين الرواقين الجنوبي الشرقي والشمالي الغربي طوله 14.25 م وعرضه 3.5م وأرضية تنخفض عن أرضية مباشرة باب المسجد الرئيسي أما الرواق الشمالي الغربي يطل على الاستطراق بفتحة سعتها 14.25م وعمقه 4.65م يتكون هذا الرواق من بلاطة واحدة تطل على الاستطراق.

 

أما الشبابيك فهي مميزة وجميعها ترتفع عن أرضية الرواق ويقفل عليها مصراعين من الخشب يعلو جفت لاعب ذو ميمه دائرية يعلوهما قمرية بسيطة ويغطي هذا الرواق سقف مستحدث (من أعمال الترميمات).

 

وعن جدار القبلة فلا تتوسط حنية المحراب هذا الجدار إذ تبعد عن الطرف الجنوبي بمقدار 9.45 م وعن الطرف الشرقي بمقدار 4.95 م وهي حنية المحراب القديم الذي أنشئ زمن سلطنة الناصر محمد بن قايتباي وعلى يمين ويسار المحراب شباكان ويلاحظ في أرضية هذا الرواق إنخفاض شديد وذلك إثر عوامل الزمن وتهمدت ويحتاج هذا الجامع إلى الترميم في أسرع وقت.

 

أما المحراب فهو نصف دائرة يعلوها طاقية على هيئة نصف قبة ذات قطاع مدبب وبين طاقية المحراب وحنية حطات من المقرنصات المنحوتة في الحجر ويعلو الطاقية عقد مدبب من الحجر ذو صنجات حمراء وبيضاء ترتكز رجليه على عمودين رخامين