كتبت: أمنية عبدالمعطي

شهدت محافظة المنيا استضافة العائلة المقدسة لـ ثلاثة أيام، حيث وصلت عبر نهر النيل واستقبلهم جبل الطير بسمالوط، وفي هذا المكان التاريخي، أُقيمت إحدى أقدم الكنائس في القرن الرابع الهجري، وأصبحت هذه المنطقة محطة عبور مقدسة للعديد من الأقباط والمسلمين في محافظة المنيا، ويحتفلون فيها بذكرى وصول العائلة المقدسة في الأول من يونيو من كل عام، خاضعين لتأثير الروحانية والتاريخ الملهمين..وفي هذا التقرير يستعرض الدكتور فرج عبيد ذكي، أستاذ ومساعد الإرشاد السياحي ، لـ “إقليميشن”، أبرز المعلومات عن دير السيدة العذراء بجبل الطير.

 

قال الدكتور فرج عبيد ذكي، إن كنيسة السيدة العذراء توجد على قمة جبل الطير في الجانب الغربي المطل على نهر النيل، وتُعتبر واحدة من أبرز المزارات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة إلى مصر بعد دير المحرق، لافتا إلى أن الجبل اشتهر بـ “جبل الطير” نظراً لكثرة طيور البوقيوس الأبيض، المعروفة محلياً باسم “أبو قردان”، التي كانت تتجمع عليه.

وكشف “عبيد” الأسماء الأخرى التي أطلقت على الجبل، والتي منها اسم “دير الصخرة”، والتي تعود قصة أسطورته إلى زمن زيارة العائلة المقدسة عبر نهر النيل، عندما كانت في طريقها وجدت صخرة كادت تسقط عليها، لكن بإشارة من السيدة العذراء إلى السيد المسيح، أظهر قوته بوضع يده على الصخرة دون أن يلمسها، فاحتفظت ببصمة يده، كما يعتقد كثيرون.

وتابع: “بعد ذلك، تم قطع الصخرة ونقلها إلى المتحف البريطاني، حيث تُعرض كذكرى لهذا الحدث الديني العظيم.

وكشف: “وأيضا اسم دير البقرة، والذي أطلق عليه هذا الاسم هو علي باشا مبارك، أحد المؤرخين الذي كتب في الخطط التوثيقية، أن هذا المكان يوجد على بعد ٧٠ مترا تقريبًا، ولم تكن هناك سلالم وكان يتم الصعود لهذا المكان عن طريق البقرة، والتي تحمل صندوقا خشبيا يجلس فيه الشخص لذلك سمي بهذا الاسم.

وأكد الدكتورعبيد، أنه تم بناء كنيسة دير جبل الطير في عام ٣٢٨م على يد الملكة هيلانا والدة الملك قسطنطين، خلال زيارتها لمصر ،عندما بدأت في الاستفسار عن رحلة العائلة المقدسة والأماكن التي زارتها، واكتشافها أن العائلة المقدسة استقرت في مغارة في جبل الطير لمدة ثلاثة أيام، لذا قررت هيلانا حفر كنيسة في الصخر باسم السيدة العذراء في هذا المكان.

وبنيت الكنيسة عن طريق حفرها بالكامل في الجبل حول المغارة الصغيرة، التي استوطنتها العائلة المقدسة لمدة ثلاثة أيام، وقد أمرت الملكة هيلانا ببناء الكنيسة، وكانت هذه البنية الدينية النابعة من الصخرة تجسدًا للتقدير والإيمان بالأحداث التاريخية المرتبطة بتواجد العائلة المقدسة، في هذا الموقع المقدس.

أما فيما يتعلق بمناطق إقامة العائلة المقدسة في المنيا، فقد كشف الدكتورعبيد أن العائلة المقدسة زارت العديد من الأماكن، من بينها دير جبل الطير، ويُقال إنها مرت أيضًا عبر منطقة البهنسا قبل وصولها إلى دير جبل الطير، وزارت منطقة دير الجرنوس أيضًا.

وبعد ذلك، توجهت إلى منطقة سمالوط قبل أن تذهب إلى دير أبو حنس في ملوي، ومن هناك انطلقت إلى محافظة أسيوط.

نسبة إلى هذا الحدث العظيم وتخليدا لذكراه، يقام احتفال سنوي برحلة العائلة المقدسة في منطقة دير جبل الطير، الذي ينقسم إلى مرحلتين، الأولى بعد عيد القيامة للمسيحيين بعد نحو 33 يومًا، حيث يتوجهون إلى الدير ويقضون نحو سبعة أيام يحتفلون فيها، وينتهي هذا الفترة بعد 40 يومًا من عيد القيامة.

والاحتفال الثاني يحدث خلال صيام السيدة العذراء، من 7 أغسطس إلى 21 أغسطس، ويشارك في الاحتفال مسلمون ومسيحيون بأعداد تصل إلى نحو 2 مليون شخص، تشمل مراسم الاحتفال زيارة الدير والكنيسة الأثرية، وصلوات مسيحية وترانيم، بالإضافة إلى فعاليات ترفيهية مثل ملاهٍ للأطفال وأسواق للتسوق، ولا يذُكر أن هناك احتفالا بذكرى مولد السيدة مريم العذراء.