كتب : حسن محمد ، منار شعبان ، آيه جمال

 

تتجسد روح الفرح والتضامن في أوقات الاحتفال ، في أعماق أرض مصر الخصبة ، ومناسبات العيد تبرز كأحد أبرز تلك اللحظات التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هوية المجتمعات المصرية. وبينما يندفع الناس في جميع أنحاء البلاد ليشعرواْ بدفء اللقاءات العائلية وروعة التقاليد ، تظل أرض شمال الصعيد شاهدة على أنماط الإحتفال الفريدة والمتنوعة التي تميز هذا الوقت المبارك.

يبدأ المشهد بدقة الفجر ، حيث تنفتح الأسواق لتستقبل زوارها الذين يبحثون عن الحلوى والهدايا وكل ما يجعل العيد أكثر جمالاً وبهجة ، وتعم الإبتسامات والتحايا بين الأصدقاء والجيران ، حاملين في قلوبهم قيم التآخي والتضامن التي تجسدت بوضوح في هذا الوقت المميز.

وعندما تحل ساعات الصباح ، تمتلئ الشوارع بالنشاط والحركة ، حيث يتوافد الناس إلى المساجد لأداء صلاة العيد ، تلك اللحظة التي تمثل بداية جديدة وأمل في تجديد الروح والعهد مع الله. ومن ثم ، ينطلق الجميع في موكب الفرح والبهجة ، متجهين إلى المنازل لمواصلة الاحتفالات في جو من الود والمحبة.

لكن وراء هذا الجمال الظاهر ، تكمن قصص وتجارب فريدة ، ترويها أعين المحتفلين وأصواتهم ، فكل عائلة وكل قرية تحمل قصة خاصة بها ، تضفي على احتفالات العيد طابعاً مميزاً وروحًا مختلفة.

وهكذا ، تستحضر احتفالات عيد الفطر في شمال الصعيد لوحة متنوعة من الألوان والتجارب ، تتغنى بروح المجتمع وتبرز قيم العطاء والتضامن التي تميز هذا الشهر المبارك ، مكملة بذلك مسيرة التراث والثقافة التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هوية هذه البقعة الفريدة من مصر العظيمة.

 

 

 

 

  • تقاليد الإحتفال وطقوسها

يروي الأستاذ أحمد إبراهيم تقاليد الإحتفال وطقوسها في إحدى قري محافظة الفيوم ، نحن هنا نعيش الأجواء الجميلة بمعني الكلمة في هذا الجزء الجميل من بلادنا ، تنطلق الطقوس والتقاليد منذ الفجر الباكر ، حيث يكون أول ما نفعله هو الإستعداد لأداء صلاة العيد ، وتكون صلاة العيد مميزة جداً ومتاحة في جميع الأماكن من المساجد وملاعب كرة القدم المفتوحة ، التي يتم فرش عليها السجاد وتكون مزدحمة بالشباب والرجال والأطفال ويكون هناك أيضاً أماكن مخصصه للسيدات ، يعم المكان بالتكبيرات وصوت البهجة خلال حوالي قرابة الساعة بعد صلاة الفجر مباشرة ، يسودها صوت الأطفال في الميكروفون يكبرون بصوتٍ عالي ، يكاد يتعطل الميكرفون بسبب هذا الصوت ، ولكن هي الفرحة والسرور بيوم عظيم ، ويسود المكان الملابس التقليدية الجديدة واللون الابيض الرائع في لون الجلباب الذي يلبسه الصغير والكبير.

وبعد أداء الصلاة ، ننتقل الي المنازل لمواصلة الإحتفالات ، حيث تكون الأماكن مليئة بالضحكات والفرح ، وكذلك نتجمع العائلة مع بعضنا البعض قبل آذان الظهر لسماع بعض المسرحيات مثل مسرحية العيال كبرت وغيرها ، ويتبادل الجميع التهاني والتبريكات مع بعضهم البعض ، ونجتمع بروح المحبة والتسامح ونذهب الي بيوت جميع الأقارب لتهنئتهم بالعيد مما يجعل هذه المناسبة لحظات لا تنسي في قلوبنا وتعزز الروابط الاجتماعية والعائلية بيننا.

 

  • الاطعمة الشعبية والحلويات

الطعام والحلويات الشعبية كما تقول عائشة إحدى ربات المنزل في إحدى قري مدينة ملوي هي جزء لا يتجزأ من الإحتفالات بالعيد في قريتنا ، حيث يعتبر من أبرز الاطعمة التي يتم إعدادها في المنازل هو الكحك والبسكويت ، التي يتم تزيينها بأشكال وألوان متنوعه ، ويتم تقديمها في طاولات الضيافة للضيوف والاقارب ، وأيضًا من العادات التي نفعلها هو تبادل هذه الحلويات التي نخبزها في المنازل مع بعض الجيران علي الرغم من اننا نقوم بعملها سوياً ف منزل أحدنا في نفس الوقت ولكنها تشكل علامة من السرور والبهجة والتضامن في هذا اليوم المميز .

وبالإضافة الي الكحك والبسكويت أيضًا من العلامات الثابتة في الاكل لدينا علي الغداء في يوم العيد هو أكل الفسيخ والرنجة والتي هي من تقاليد هذا اليوم حيث يتجمع الاهل والاصدقاء علي طاولة واحدة للاستمتاع بهذه الوجبات الشهية ، ويعتبر تناولها بالنسبة لنا علامة علي الاحتفال بالعيد والاستمتاع بالأطعمة اللذيذة والمميزة التي تعكس تراثنا الشعبي الغني.

 

  • الأطفال والعيدية ومشاركتهم الاحتفال

يشارك الأستاذ صلاح حسين تجاربه وهو صغير في إحتفالاته بالعيد حيث يقول ، كان ينبض قلبي بالفرح لحظة استلام العيدية ، أتذكر كيف كنت في طفولتي ، كنت أترقب بفارغ الصبر ، لأنني أعلم انني سأحصل علي العيدية من أبي وأقاربي ، كانت العيدية تعني لي الكثير ، لأنها كانت فرصة لشراء الألعاب التي كنت احلم بها طوال العام ، وكذلك الالعاب النارية والصواريخ التي كانت رائحتها بالنسبة لي هي رائحة الدلالة علي وجود العيد ، او حتي لشراء الحلويات التي كنت احبها .

وكذلك من العادات المضحكة بالنسبة لي عندما كنا نسمع صوت آذان الفجر انا واصدقائي وناكل عمدًا ونتظاهر اننا غير صائمين ، وكيف كنا نسهر طوال الليل وعندما يأتي الصباح وبعد الخروج من المنازل ننام طوال اليوم من التعب ، ونحزن كثيرًا عندما نقوم من النوم علي صوت آذان المغرب ظنًا منا انه اذان الظهر ، وعندما نعرف الحقيقة يسود الحزن علي ضياع العيد .

عندما نستقبل الضيوف في يوم العيد ، يتم تبادل التهاني والتبريكات ، ولا يمكنني نسيان كيف كنت استمتع بمشاركة الاخبار السعيدة مع اصدقائي وأقاربي وكيف كنا نقارن هذه العيدية التي حصلنا عليها.

 

 

  • الانشطة الخيرية والتطوعية

يروي لنا الأستاذ ابا الحسن وشهرته ” ابا الخير ” من إحدى قري مدينة دير مواس ، الجهود والأعمال الخيرية التي يقوم بها هو ومجموعه من الشباب في العيد ، حيث يقول تتضمن الانشطة الخيرية والتطوعية في العيد لدينا توزيع الطعام ومشاركة الإحتفال علي أسيادنا من الأسر الاقل حظًا والمحتاجين داخل القرية مما يساهم في توفير الراحة والدعم لهم ، بالإضافة الي ذلك ، يتم تنظيم حملات لتوزيع العيديات علي الأطفال الايتام والفقراء ، حيث يتم ايضًا شراء الهدايا والالعاب وتوزيعها عليهم لإدخال البهجة والسرور في حياتهم.

وتشمل الانشطة الخيري والتطوعية أيضًا توزيع الملابس الجديدة علي الأسر المحتاجة ، حيث يتم جمع التبرعات من الناس وتوزيعها علي الأسر التي تحتاج إلي دعم مادي لشراء الملابس.

وتعتبر هذه الانشطة الخيرية والتطوعية فرصة للمشاركة في بناء مجتمع اكثر تلاحمًا وتعاونًا ، وتعكس قيم التكافل والتضامن التي تميز المجتمع في هذا الوقت المبارك من العام .

 

  • الشباب واستخدام وسائل التواصل في الاحتفال بالعيد

يشارك أحد شباب محافظة بني سويف احمد خالد تجربته في الاحتفال بالعيد عبر وسائل التواصل الإجتماعي ، حيث يقول ، نتجمع انا واصدقائي بعد أداء صلاة العيد ونلتقط العديد من الصور في النادي الذي كنا نصلي فيه ، ونتشاركها جميعًا علي فيسبوك ونكتب عليها العديد من رسائل التهنئة والتي نصل من خلالها لجميع الأصدقاء والاقارب في كل مكان ونتشارك جو الاحتفالات بالعيد وننشر أيضًا العديد من الفيديوهات للتكبيرات والاحتفالات ، مما يساعد في خلق جو من البهجة والتفاؤل بيننا .