كتبت: سارة جمال مصطفى

 

 

 

 

 

تنتشر من حولنا قصص وحكايات يرددها أهالي الصعيد عن أولياء الله الصالحين وكراماتهم، منها ما يفوق الخيال، ومنها ما لا يصدقه عقل، فهذا يسأل الشفاء، وهذه تسأل أن ترزق بالولد، وذاك يريد المال، وآخر يريد الزواج أو النجاح.

 

مشاهد اعتادت العين رؤيتها في مختلف محافظات الصعيد، التي لا تكاد تخلو من قبور وأضرحة ومقامات، يقدم القرابين إليها كثيرون، مبتهلين بالدعاء، متمسحين فيها طلبا للبركة، وبالإضافة إلى هذا يقيم البعض الليالي الذكرية تخليدًا لذكرى من يعتقدون فيه، سواء كان وليا من أولياء الصالحين أو كان مجرد شخص عادي “فيه شيء لله”.

تمتلئ محافظة المنيا بكثير من المقامات والأضرحة، التي يذهب الناس إليها لأخذ البركة، وواحد من أهم هذه المقامات والأضرحة هو ضريح الفولي، الذي يوجد في مسجد الفولي بمدينة المنيا، حيث بني المسجد واتخذ مكانًا للتعبد به والتقرب إلى الله، وتحول إلى ضريح ومقام يقصده الجميع ويتوافدون إليه من شتى الأنحاء للتبرك ولقضاء حوائجهم وحفظ أبنائهم وشفاء مرضاهم وكل ما يعتقدونه.

 

ويوجد أيضًا بإحدى قرى مركز ديرمواس ضريح الشيخ أحمد، الذي ما زال إلى يومنا هذا يذهب الناس إليه من كل فج للتبرك، ولقضاء حوائجهم أيضًا.

ومن العادات المعروفة هناك، أن المرأة إذا كانت تريد أن تنجب تذهب إلى هناك، وتتدحرج من فوق الجبل على الرمال إلى الأسفل.

 

وكان الناس يؤمنون جدًا ببركة هذه الأماكن والأضرحة والمقامات، فإذا ذهبت المرأة لتنجب ومارست طقس الدحرجة من فوق الجبل، ومن ثم رزقها الله بطفل بإذنه، ظنت أنها أنجبت بفعل زيارتها للمقام، فتذهب بعد الولادة إلى نفس المكان وتذبح الذبائح وتطعم المحتاجين، وتتصدق بما تستطيع.

 

على جانب آخر من الأضرحة، توجد ليالي الذكر والموالد، حيث تقام في إحدى القرى التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا، ليلة ذكر لذكرى الشيخ إبراهيم أبو ستة، وكان هو أيضًا وليا من أولياء الله الصالحين، وكان محبوبًا جدًا بين الناس.

وفي هذه الليلة التي تقام كل عام، تجد العشرات من الباعة يفترشون الأرض لبيع الحمص، والفول، والحلوى، والألعاب، والإكسسوار وغيرها من الأشياء، وأيضًا كان يمتلئ المكان بالكثير من المراجيح وهناك أيضًا الكثير من الأشخاص الذين يتجمعون في حلقات الذكر والتهليل.

وتعد زيارة أضرحة أولياء الله الصالحين والتبرك بهم عادة صعيدية أصيلة، لا تقتصر على النساء فقط بل تمتد أيضًا إلى الرجال، إذ إن هناك اعتقادًا شبه سائد عند أهالي الصعيد بأن هذه الأضرحة تساعد على سرعة تحقيق الأماني، وتشفي العليل وتريح المسكين وتجبر المكسور، ولكن إذا نظرنا إلى هذا من منظور الدين؛ نجد عند معظم المذاهب أنه لا ليس للمسلم أن يمس القبر خلال الزيارة.

 

كما أنه من السنة أن يقف الزائر في اعتدال واحترام وأدب، وألا يمس القبر، لأن التمسح بالأضرحة أمر منهيٌّ عنه، كما نص العلماء على حرمة الطواف حول الأضرحة.